كلنا يعرف حيوان التنين و الذى يظهر فى الرسوم ليمثل الشيطان أو القوى المعادية للكنيسة و المؤمنين. فماذا تعرف عن هذا الحيوان؟ هل هو حيوان حقيقى عاش فى حقبة زمنية معينة و انقرض مثل الديناصور؟ أم إنه حيوان خرافى لا وجود له تخيله الفنانون ليصوروا به قوى الشر؟!
قالوا لنا قديماً أن التنين حيوان أسطورى خرافى لا يوجد سوى فى الأساطير و إن كان يختلف رمزه: فهو فى القصص الأوروبية يرمز لقوى الشر، بينما فى الأساطير الآسيوية يرمز للحكمة و القوة و يتفاءلون به حتى أن الصينيين لديهم سنة التنين، و كذلك برج التنين فى أبراجهم الفلكية.
و الحقيقة أن التنين حيوان حقيقى و هو نوع من الزواحف من ذوات الدم الدافئ التى تستطيع أن تتحكم فى درجة حرارة أجسامها داخلياً و ليست كما بعض أنواع الديناصورات من ذوات الدم البارد و التى تحتاج إلى حرارة الشمس لتدفئ أجسادها. و هذه الخاصية تسمح لحيوان التنين بالتكيف مع الظروف المناخية المختلفة فى الشتاء و الصيف سواء صباحاً أو مساءً. و يوجد الآن بعض أنواع التنانين الموجودة و لكنها بأحجام أقل و بدون أجنحة مثل التى نراها فى الصور. و يعتبر التنين من الحيوانات المعمرة إذ قد يصل عمره إلى 500 عام، بل أن بعض الدراسات أثبتت أن هناك تنانين عاشوا لمدة ألف عام. و لكن لا يوجد دليل أن التنين مات بسبب كبر السن، و لكنه مات بسبب إما الحوادث، أو وباء متفشى، أو بسبب عدو الطبيعة اللدود .. الانسان.
و الحقيقة ما دفع العلماء المتخصصون إلى دراسة ما إذا كان التنين حيوان أسطورى أم حقيقى هو ذلك الانتشار الرهيب الذى يحظى به التنين فى العالم من شرقه إلى غربه، حيث لا تخلو ثقافة من قصة عن التنين ذلك الوحش الرهيب الدموى الذى ينفث
النار من فمه - حتى فى الكنيسة نجد صورة الشهيد العظيم مار جرجس و هو يطعن تنيناً بالحربة. و يعرف علم دراسة التنانين
بالدراجونولوجى و هى كلمة من مقطعين: دراجون أى تنين، و لوجى أى علم.
الهيكل العظمى:
و التنين هو أكبر كائن حى يطير، و لكى يحتفظ بهذا الجسم الهائل أثناء الطيران إستلزم أن يكون تكوينه الجسمانى مختلفاً عن باقى فصيلة الزواحف التى ينتمى إليها. و لذلك فعظام أجنحته متصلة بكتفين عريضين بواسطة عضلات قوية جداً حتى تحمل وزن التنين الضخم، مما يتطلب نظام خاص من المفاصل و الغضاريف غير معروف فى أى كائن حى آخر. كما أن عظام التنين فى قوة الخرسانة المسلحة حتى تحمل وزنه الهائل، و لكن أخف وزناً حتى يستطيع الطيران. جدير بالذكر أن عظام التنين مجوفة مثل الطيور مما يسمح له بالطيران بسرعات عالية جداً.
لنظام العضلى
إن النظام العضلى فى جسم التنين من أروع المنظومات و أعقدها على الاطلاق. و لقد توصل العلماء إلى حساب قوة عضة التنين بحوالى 2 طن لكل سنتيمتر مكعب (2 طن/سم3) مما يعنى أن له فكين يستطيعان مضغ الفولاذ. كذلك عضلات التنين تسمح له بحمل أوزان ثقيلة جداً، و لكن هذا على الأرض فقط لأنه فى الهواء حتى يستطيع الطيران لا يستطيع حمل سوى نصف وزنه فقط. و بملاحظة التشريح العضلى للتنين وجد أنه لا يستطيع الجرى لأن عضلاته غير مصممة لهذا الغرض.
لقشور الخارجية:
إن جسم التنين مغطى بالكامل من الخارج بقشور صلبة لامعة، وليس للتنين - كما يظهر فى الصور - تلك الياقة التى تحمى عنقه. و نقطة ضعف التنين تكمن فى بطنه و رقبته الرخوتين الخاليتين من القشور الصلبة، و لذلك يقوم التنين بلصق صخور و أحجار عليهما لحمايتهما مستخدماً لعابه الذى يحتوى على مادة كاوية قوية جداً تفتت تلك الصخور و تجعله يستطيع لصقها بواسطة لعابه على بطنه و رقبته. و القشور التى تغطى جسم التنين خماسية الشكل و لها شكل مسحوب مثل قطرة مياة متدلية حيث يوجد ضلعان طويلان و ضلعان قصيران و الضلع الخامس شديد القصر. و التنين يعتنى عناية فائقة بنظافة جلده و قشوره و ذلك لأنه حيوان نظيف. و المدقق فى قشور التنين يجدها تلتص بجسده بواسطة شعيرات دقيقة فى آخرها بجلد التنين. و على هذه الشعيرات يوجد غدد تفرز مادة تتحكم فى لون و صلابة القشور و ذلك لأن تلك المادة غنية بالمواد المعدنية.
أجنحة التنين:
إن للتنين ذراعان ينتهيان بخمس أصابع كما فى كف الانسان (إبهام و أربعة أصابع طويلة) متصلين بغشاء جلدى رقيق فيما بينهم كما فى الخفاش. و الجناح نفسه عبارة عن غشاء من الجلد و لكنه ليس متصل بالكتفين كما يتم تصويره، و لكنه متصل بجسم التنين أعلى الفخذ قليلاً و ذلك حتى يكون كبيراً بحجم كافى ليحمل ذلك الحيوان العملاق. كذلك لو كان الجناحان متصلان بالأكتاف كما يتم تصويره لكان التنين يطير واقفاً رأسه لأعلى و ذيله لأسفل و بذلك يكون المساحة المعرضة منه للهواء كبيرة مما يقلل من سرعة طيرانه.
سلاح التنين التنفسى:
النفخ النارى: إن ما يشاع عن التنين من قدرته على نفخ النار من فمه ليس عملاً سحرياً و لكن له دليل مادى و علمى. فنحن حينما نأكل يقوم الجهاز الهضمى أثناء عملية الهضم بانتاج غاز يسمى بالميثان CH4، و على عكس باقى الحيوانات لا يتخلص التنين من هذا الغاز و إنما يختزنه فى جزء من رئتيه تعملان كخزان لغاز الميثان، و عند الحاجة يقوم بمزج كمية من الغاز مع قدر من الفوسفور الذى يعمل هنا كمادة إشعال للغاز ليتحول إلى لهب نارى يطلقه التنين بنفخه من فمه. و لا يقوم التنين بتحويل الميثان إلى غاز سوى خارج فمه حتى لا يحرق نفسه من الداخل. فهو يقوم باطلاق قدر من الفوسفور فى الهواء ثم غاز الميثان ، و حينما يتشبع الهواء بالميثان يقوم الفوسفور بعمل شرارة البدء التى تشعل الغاز.
النفخ الثلجى/البارد: بعض أنواع التنانين يستطيع نفخ مخروط من الثلج و هذا يكمن أيضاً فى طريقة أكل و هضم هذه الحيوانات الغريبة. فهذا النوع من التنين يقوم بتخزين غاز النيتروجين N2 الناتج أثناء عملية الهضم، ثم تقوم عضلات قوية جداً داخل التنين بكبس غاز النيتروجين كما يحدث فى موتور الثلاجة. و حينما يريد التنين أن يجمد عدوه يقوه باطلاق غاز النيتروجين المضغوط من فمه حول العدو. يقوم غاز النيتروجين بالتمدد و إمتصاص الحرارة من البيئة حوله مما يخفض من درجة حرارة البيئة إلى 50 درجة تحت الصفر مما يسبب تجمد أعداء التنين الموجودين فى مجال النيتروجين - أو تجمد أطرافهم و تساقطها على أقل تقدير.
النفخ الحمضى: و هذا سهل للغاية لأن جميع الكائنات الحية تفرز عصارة هاضمة حمضية لهضم الطعام و تحويله لعناصره الأولى حتى يسهل إمتصاصه، و بتحليل هذه العصارة الهاضمة إتضح أنها عبارة عن حمض كلوريدريك مركز HCl. و التنين له المقدرة على جلب هذه العصارة الهاضمة من معدته إلى فمه لبصقها على أعداءه لحرقهم بواسطة ذلك الحمض المركز و كأنه بصق عليهم (مية نار) الحارقة.
هذه الصور هى لنوع من التنانين يعيش حتى الآن و إسمه تنين كومودو