في أحد أيام شهر أغسطس (آب) من السنة الماضية2002 ، توجه عدد من رجال الأمن وبعض ممثلي وزارة الصحة المكسيكية وأربعة أطباء إلى منطقة نائية في شمال المكسيك ، وقاموا بإخراج عدد كبير من قطعان الماشية من سيارات تابعة للجيش وأشعلوا فيها النيران ، ولم يغادروا المكان حتى تأكدوا من تحولها إلى رماد . لكن بعد مرور ساعة واحدة عادت السيارات من جديد إلى مكان حريق بعد تلقيهم أوامر تطلب منهم إخفاء بقايا الجثث المتفحمة في حفرة عميقة حتى لا يكتشفها أحد من الناس ، وعدم تسريب الخبر إلى الصحف المحلية مهما كانت الأسباب .
فما الذي دعا السلطات المكسيكية إلى إحراق هذه الحيوانات وإحاطتها بسرية تامة رغم أنها لا تشكل خطراً على حياة الإنسان؟ وما هو السر الكبير الذي دفن معها في تلك الحفرة؟ والأهم من ذلك كله من قتلها؟
بداية هذه القصة التي عاشتها قرى شمال المكسيك انطلقت في سنة 1996 ، وذلك عندما بدأ المزارعون والرعاة يعثرون على حيواناتهم المنزلية مقتولة بصورة تكاد تكون متشابهة 100% ، والأغرب من ذلك كله أن كل هذه الهجمات التي استهدفت قطعان الماشية لم تكن تهدف إلى قتلها لسد رمق الجوع و لأكل لحومها بل لشرب دمائها فقط
يقول المزارع خايمي براياسولو ، الذي استيقظ ذات صباح على وفاة 8 من خراف حظيرته : ((عندما بدأت هذه الأحداث الغريبة داخل قرية نويو دولوريس القريبة منا سنة 1996 ، كان الاعتقاد السائد هو أن هذه الهجمات قامت بها الكلاب الضالة أو بعض الذئاب التي تهاجم الماشية من حين لآخر. لكن الشهور الأخيرة عرفت تزايد حدة هذه الهجمات وانتشارها خصوصا في الليالي القمرية ، وهو الأمر الذي جعل بعض الفلاحين يطلقون على هذا الكائن الغريب الذي يهاجم الحيوانات من عنقها فقط باسم درا كولا القمر))
ويضيف الراعي ادواردو ماريانو من قرية \"لابيلا\" الذي فقد في أقل من شهر واحد 12 نعجة قائلا : ((عندما توفيت النعجة الأولى ربطت هذه الوفاة الغريبة بارتفاع درجة الحرارة ، التي كانت تصل إلى 52 درجة مئوية وبالظمأ الشديد . لكن بعد تكرر الوفيات بدأت ألاحظ جرحا غائراً في أعماقها ، مما يعني أنها تعرضت لهجوم عنيف ، وبما أن أبواب مزرعتي عالية ومحكمة ، لا تستطيع أن تنفذ إليها الكلاب أو الذئاب ، فقد استنتجت أن هذا الكائن الذي هاجم قطعان الماشية لابد أن يكون طائرا ضخماً يتمتع بأنياب قوية ومخالب حادة ، ولا بد من وجود سر غريب يكتنف حياته ويجعله لا يقوم بهجماته القاتلة إلا في الليالي التي يكون فيها البدر مكتملاً أو في آخر أيام الشهر )).
__________________
هذه التساؤلات المحيرة دفعت بروديغو مارسان ،المتخصص في دراسة الكواسر والجوارح إلى أجراء بحث دقيق على الحيوانات الميتة وفحص جروحها لتحديد قوة الهجوم ، ومواصفات الكائن الغريب . فماذا كانت النتيجة؟
يقول رودريغو: ((إن القاسم المشترك الذي تلتقي عنده كل هذه الهجمات هو العنف الشديد الذي استخدم في قتل هذه الحيوانات أو القوة الشديدة التي اتسمت بها الضربات التي وجهت إليها ، والتي لم تترك لها أي حظ في الهرب ، ولو حاولنا أن نقارن بين هذه الهجمات وبين هجمات بعض الكواسر ، لاكتشفنا أن الصقور البالغة هي التي تستطيع أن تقوم بهجمات على الحيوانات الأليفة . لكن هذا الاحتمال غير وارد هنا تماما لعدة أسباب ، أهمها أن هذه المنطقة التي حدثت فيها هذه الهجمات لا تعرف وجود الصقور كما أنها لا تفضل الصيد بالليل ، وعندما تقوم بذلك ، فإنها غالباً ما تلجأ إلى الحيوانات الحجم كالأرانب و الفئران ، ولا تجرؤ على مهاجمة الأبقار و الماعز والخرفان ، ولا تركز في هجومها الصغيرة على العنف فقط ، وكنتيجة لذلك فإن الاحتمال الوحيد الذي يبقى أمامنا هو أن نسلم بأن هذا الكائن الطائر يتمتع بقدرات ومواصفات لا تزال مجهولة بالنسبة للعلماء)).
غير أن هذه الأحداث الغريبة لم تتوقف عند هذا الحد ، فمع تكرر هذه الهجمات في عدد من القرى والبلدات الصغيرة ، اضطرت السلطات الطبية إلى التدخل ومضاعفة عدد حراس الغابات وفحص جثث الماشية بشكل مفصل ودقيق لحل هذا اللغز المحير . لكن هذه الإجراءات لم تتوصل إلى جواب مقنع ، بل أضافت إليه ألغازاً إضافية.
ففي الرابع من شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي ، قام ليونيل مانسيلا بدعم من تلفزيون \"ازتيكا\" المكسيكي بحمل جثة واحدة من هذه الحيوانات إلى عيادة البيطري فرانسيسكو كونتديراس ، وبعد إجراء عدد من الفحوصات الدقيقة ، تم التوصل إلى نتيجة تدعوا للحيرة والاستغراب ، فقد تبين أن جسم هذه الماشية شبه خال من الدم رغم أن مساحة الجرح لا تتعدى بضعة سنتيمترات ، وقد توصلت الدكتورة سوليداد دي لابينيا إلى نفس النتيجة عندما أجرت فحوصها على بعض الجثث ، حيث تبين لها اختفاء الغضروف وعدم وجود بقايا دم في الجهاز التنفسي . فكيف نفسر ذلك؟ [/center]
__________________